Monday, December 14, 2009

المراة والمثل الدارج في فلسطين

المراة والمثل الدارج في فلسطين

لتحميل النص اضغط هنا

د.عمر احمد خليل شكارنه

الخطوبة أو الطلبة

تلك مترادفات كلها تعبر عن مفهوم الخطبة التي تمثل المرحلة الاولى على طريق الزواج الذي يتم معها كتب الكتاب، ثم يتبعها الحناء والزفة والدخلة، وهي بمثابة الاعلان عن الاتفاق بين أهل العروسين على المصاهرة وطلب يد الفتاة من والدها او وليها مباشرة او بوساطة (جاهة ووجاهة ). وقد يخطب الفتى الفتاة دون ان يراها او تراه، إنما يسمع عنها من الناس، وقد يراها وتراه بالصدفة او في السوق او الشارع او في اي مكان اخر بمجرد نظرة واحدة قد تطول او تقصر من مكان قريب او بعيد فتقع من نفسه موقعا حسنا. وتشير كل الدلائل انه لم يكن هناك علاقات محبة بين الخاطب والمخطوبة بالمعنى المتعارف عليه في هذه الايام الا في القليل النادر. وان وجد شيء وجد شيء من ذلك فقد كان سرا في الغالب لا يعلمه إلا قلة ممن يحفظون السر من الأصحاب الخلصاء. ولكن الزمن كفيل بفضح ذلك السر المكنون فيقولون:)كل سر جاوز الاثنين شاع ). وقد يظهر في فلتات اللسان او على قسمات الوجه او تقاطيعه فيقولون: (كل شي بخفى الا الحب والحبل والطلوع ع الجمل ). وقد تبدأ العلاقة بين المتحابين بمجرد النظر حيث تلتقي القلوب على المحبة من اول نظرة: حيث ياخذ كل واحد منهما بالسؤال ان لم يكونا قريبين بشكل غير مباشر.

وبعد التعارف تختلف عادات وتقاليد الخطبة في المدينة عنها في الريف او في البادية: فلكل مجتمع من المجتمعات الثلاث عاداته وتقاليده تختلف في الشكل وقد تتفق في المضمون. والعادة المتعارف عليها أن يبعث الخاطب من لدنه من يطلب يد الفتاة سرا، وفي الغالب تكون امه او شقيقته او احدى قريباته ورجل من أقاربه، حيث يتعرف الطلاب على الفتاة واهلها وهل يمكن خطبها ام لا. فيعدهم أهلها برد الجواب بعد تداول الامر مع أقربائهم، وقد يصل الأمر ابعد من ذلك حيث انهم يريدون التعرف بالسؤال عن اهل الفتى ومكانتهم، وأخلاق الشاب وعمله وما الى ذلك من المعايير المعروفة التي يرغبون ان تكون لدى طالب يد ابنتهم وأسرته. فإذا وقعت المحبة بينهم، رفع كل محظور فيقولون:) إن وقع الحب ارتفع التكليف ) كما ان محب الفتاة إذا وقر في قلب محبها فانه لن يتنازل عنها مهما الصق بها العذال من تهم وما تقولوا عليها من أقاويل، عندها يقولون:(عين المحب عمياء ). فالمحب لا يفكر في مساوئ حبيبه ذكرا كان ام انثى فبقولون: ( حبيبي بحبه لو كان عبد اسمر). وكان لسان حاله يردد مع الشاعر المتنبي قوله:

وعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المعايبا

ويتبادل الحبيبان الود الخاص: ( فكما تراني يا حبيبي اراك ) ويلهج كل واحد منهما بذكر صاحبه فيقولون: ( اللي بحب اشي بيكثر من ذكره ) كما يتزاوران أحيانا وخاصة الخاطب: (الرجل بدب مطرح ما بحب ). وهكذا تبدو علاقة الحب بين الخاطب والمخطوبة قبل الاعلان الرسمي عن ذلك أو بعده ورغم ذلك فان العرف والعاده لا يسمحان لهما برؤية بعضهما بعضا إلا لماما (أبعد تحلا) كما ينصح المثل بألا يكثر الخاطب من زيارة بيت خطيبته خوفا من الاسترخاص في نظر أهلها كقولهم ( كثر الهف بتلف بترخص لو كنت غالي ) وهو بمعنى المثل الفصيح: ( زد غبا تزدد حبا ). كما تهرب المخطوبه من أمام خاطبها حتى لا يتمكن من رؤيتها وخجلا منه وخوفا من القيل والقال. وينتظر الخاطب وأهله رد الجواب من أهل الخطيبة. وفي الغالب تُحدد المدة بأسبوع أو أكثر. فإن كان الجواب بالنفي ينتهي الأمر ويقول أهلها:( البنت جسر يطؤها كل عابر) فالفتاه قد يطلبها الكثيرون الى ان تقسم لأحدهم فيتزوجها. هذا ولا يحق لها الاعتراض ولكن لوليها الحق في ذلك، حتى يجود بها لمن يسعده او يتعسه الحظ !! وربما تسأل رأيها وتخجل من رد الجواب فيقولون: ( السكوت علامة الرضا ). وقد ترفض بصراحه قتقع في الندم فيقولون: (خطبوها تعززت دشروها تندمت ).

أما أهل الفتى فيعلقون على نفي أهل الفتاة مصاهرتهم فيقولون: ( لا انبط ز ق ولا سال لبن ; كل من بدراه ابوه ). أما إن كان الجواب بالايجاب فتجري مراسيم الخطوبة المعتادة في الوسط الذي يعيش فيه الخاطبان حيث يعلن للملأ خطوبة فلان من فلانة وتوزع الحلوى... ولكن قد يحدث ما يعكر الصفو وهو:

تحديد المهر وتكاليف الزواج

يعتبر المهر في الأسرة التقليدية وخاصة الاسر المسلمة، عنصرا أساسيا من عناصر الزواج المدبر، وينال تحديده والاتفاق عليه قدرا غير قليل من الاهمية عند الاسرة الفلسطينية، كما أن الخلاف عليه كان يؤدي في بعض الحالات الى فسخ الزواج كلية فقد يشترط ولي أمر الفتاة في طلب مهرها من خاطبها فما هو المهر ؟

إنه التقدمة التي يجب على الخاطب ان يقدمها للمخطوبة او وليها عند ابرام الاتفاق على الزواج تأكيدا لجدية العقد المبرم بينهما. فهناك مهر خاص عندما يتم الزواج بين الأقارب وداخل العشيرة او البلد، وهو اقل بكثير منه عندما يكون العريس غريبا.

المبالغة والاعتدال في المهر وابعادهما:

نصح المثل بعدم الاشتطاط في أخذ المهر او المبالغة فيه لخلوه من البركة تماما كالنقود، حيث قال: (الدية وقد الولية ما فيهاش بركة ). وقد اعتبر رفع المهر وسيلة مقصودة لإبعاد الصهر عن طيته فقيل:( ارفع المهر بهرب الصهر) ومثله قولهم: ( اللي ما بده يجوز بنته يزود مهرها ) ويقولون: ( فلان مدلي رجليه ). كما اعتبر من ناحية اخرى مغالاة في الحسنة قولهم: لولي الفتاة المشتط في مهرها: ( الي بده المليحة بدفع مهرها ). حتى لقد سمح المثل ببيع السلاح في سبيل دفع مهر الفتاة الحسنة: ( اللي بده الملاح ببيع السلاح )، تماما كما قال أبو فراس الحمداني:

تهون علينا في المعالي نفوس ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر

وقد طالب المثل بعدم الندم على ما يدفع مهرا للحسناء مهما كثر لأنها اهل له بقولهم: ( يا ميخذ الملاح لا تكون نواح ) وقولهم: ( ان وقع الحر لا يتلعبط ). كما اعتبر دفع المهر وسيلة لمصاهرة السلاطين بقوله: ( الي بدفع فلوسه بنت السلطان عروسه). وربما اعتبر الإشتطاط في المهر من باب الحرص على الفتاة في مستقبلها من طلاقها او التهاون في حقوقها الزوجية. إذا كانت قليلة المهر ويمكن ان يكون الإشتطاط فيه مدعاة للهمز واللمز بوالد الفتاة فيقولون: ( الهامل بجيه يوم بنته ).

طبيعة المهر ونوعاه وأسباب ارتفاعه الأخرى :

غالبا ما يكون المهر من الأموال المنقولة او غير المنقولة كالارض مثلا : ( ما بسد في العرض الا الأرض)، وقد قيل على لسان شخص تزوج من فتاة فباع قطعة ارض لدفع مهرها : ( ليلة من لياليها بتسوي البصة وما فيها ). ولكن النقد المتداول وهو أكثر الأنواع استخداما فيقولون: ( حط الفلوس بتجيب العروس ). وربما دفع المهر بوسائل اخرى كالخدمة أو الشعار ( البديلة ) كما مر. وقد يكون مواشي تساق لوليها لدى لبدو. وهناك فرق بين مهر البنت والأرملة والكبيرة والصغيرة. حيث يكون مهر الارملة مثلا نصف مهر البنت البكرية. فيقولون: ( الأرملة نصية ). والمهر نوعان: مؤجل و معجل. أما المؤجل فهو ما يتفق عليه ان يدفع عند حدوث الشقاق المنتهي بالطلاق حيث يدفع من قبل الطرف الطالب للطلاق للطرف الآخر. أما المعجل فهو الذي يدفعه الزوج عند عقد الزواج. وهناك فئة من الناس لا تهتم بالمهر وكثرته وقلته فيقولون: ( قلة تستغله ) وقولهم:( البركة فيما بارك الله). قال صلى الله عليه وسلم: " أعظم النساء بركة ايسرهن مؤنة ". وهو ليس ثمنا للبكارة كما يدعي بعض الأوروبيين فهو يدفع للبنت البكر وللثيب على حد سواء، كما انه ليس ثمنا للمرأة، والدليل على ذلك انه لا يعاد الى الرجل عند الطلاق اذا كان هو الراغب فيه. ويعتبر غلاء المهور وما يتبعه من تكاليف باهظة، ظاهرة اجتماعية خطيرة في مجتمعنا الفلسطيني سيما الريفي منه، فكثيرا ما يقف حجر عثرة في سبيل سعادة الكثيرين من أبناء هذا الشعب وبناته فقد يسبب للشاب مشكلة اقتصادية تجعله يرى الزواج شؤما وخيبة. أو تحول بين المتحابين وبين تنفيذ رغبتهما في الزواج. وهي مشكلة قديمة متسربة نمت وتطورت مع الزمن وعانى منها شعبنا، وما زال يعاني منها الاحفاد والابناء وسيعاني منها الأولاد ان لم نجد حلا جذريا يستأصلها من جذورها سيما اسبابها التي ترجع الى ما يلي:

اعتقاد بعض الآباء أن زيادة مقدار المهر تقوي مركز البنات في مواجة أزواجهن وتجعلهم يتمسكون بهن بشكل أقوى حيث يتندر المثل من مهر الفتاة القليل قائلا: ( اللي مهرها جاعد هدم عما قديش ) ويقولون ايضا: ( الجيزة الي ببلاش طلاقها اهون ). ويعود هذا الى جهل الآباء ولكون الزواج لا يتم عن قناعة وكفاءة العروسين.

اغتنام فرصة زواج البنت ليوفر وليها شيئا من مهرها لينفقه على العائلة بسبب الفقر المترتب على وسائل العيش البدائية التي كانت تمدهم باسباب الرزق. هذا اذا كانت الفتاة مرغوبة بجمالها او بعض صفاتها الأخرى فيقولون: ( الي بده الزينات بدفع الوفات ).

التنافس وحب الظهور، لأن الغالبية العظمى من ابناء المجتمع لا يقبلون ان يكونوا في منزلة أقل من سواهم فيقولون: ( احنا ناقصين حرف ؟ )وقلوهم: ( زي الناس ولا باس )، فلا يقبلون بأن تكون بناتهم أقل من مثيلاتهن من بنات العائلات الأخرى في مهرهن حيث التقليد الاعمى وألأخرق للأخرين، دون مراعاة للظروف والأحوال ومصلحة الصهر والبنت لدرجة انهم يسخرون من الشخص الفقير الذي يعشق الفتيات الجميلات وهو غير قادر على كفاية نفسه بالقوت الضروروي في قولهم : ( عاشق بلا مال طربوشك بلاه داير تعشق بنات الناس ما انت ع العشا قادر؟؟) كما ينصح المثل الشاب الذي لا يملك المهر بعدم التقدم لطلب يد فتاة التي يحلم بسعادته معها، بل يطالبه باخلاء جنبه ليسير ركبها الى من يستحقها من أرباب رؤوس الاموال في قوله: ( اللي ما بقدر ع الحمرا وعليقها والا يحيد عن طريقها ). حيث شبهها بالفرس واطعامها فالذي لا يستطيع ان يتعامل مع الفرس الاصيلة ويقدم لها طعامها فعليه ان يبتعد عن اقتنائها. وكأن الفتاة أصبحت سلعة تباع في سوق النحاسة والجواري في العصور الوسطى. وهكذا تبدو الأسباب واهية صبغتها الجهل والفقر والتقليد، ولن يقضي عليها الا بمناقضتها. هذا وكثيرا ما كانت تتوسط الجاهة والوجاهة التي تصاحب ركب الخطبة لتنزيل قيمة المهر فيتنازل وليها عن جانب منه اكراما لله والرسل وللجاهة وللاولياء الى ان يبقى المبلغ المتفق عليه اصلا بين ذوي العروسين قبل قدوم الجاهة الرسمية او يكون التنازل عن قسم مما اتفق عليه اصلا، خاصة اذا شعر الخاطب بأن المهر غالٍ. وبعد الاتفاق على المبلغ يدفع كاملاً أو جانبا منه و تعلن الخطوبة الرسمية التي تتبعها مراسيم عقد النكاح و يسمى الاتفاق(قراية فاتحة)، و يبدأ الناس في المباركة للخاطب و الخطيبة.

وعند إتمام الخطبة مع عقد القران فإنهم يقولون: ( ما بعد الصفاح الا النكاح ) حيث يستعد الخاطب لإتمام صفقة العرس ولا يؤخره الا تقصير ذات اليد عن تكملة بقية المهر وتوابعه من ولائم وكسوة للأقرباء وحاجيات أخرى تلزم حفلة العرس، كتجهيز ملابس العروس خاصة في الريف، حيث تأخذ عملية تطريز الملابس وقتا ليس بقصير. وقد توزع تلك الثياب على عدد من صويحباتها اللواتي يتبرعن او يستأجرن لمساعدتها في ذلك من اولئك المتفرغات للتطريز بسبب فراغهم فيقولون: ( الصدة بتعلم التطريز ). وتحرص العروس الا تخرج من بيت ذويها الى بيت الزوجية بأي نقص ملابسها وجهازها بل تستكمل كل ما تحتاج اليه قبل انتقالها لأنهم يقولون: ( اللي ما بطلع مع العروس ما بلحقها ). كذلك هي تحرص ان تستغني في بيتها الجديد عن كل ما يمكن أن يلزمها أو تحتاج إليه من منطلق المثل القائل: ( يا حاجتي كلميني ولا يا جارتي اعطيني ). كما أنها لا توافق على استعارة شئ من الملابس لحفل عرسها لأنهم يقولون: ( ثوب العيرة مقلوع لنه لأمي ما استحت مني ) ولأن : (ثوب العيرة ما بدفي وان دفى ما بدوم ). كما تقدم الأمثال النصح للفتاة بألا تبطر أكثر من اللازم أو تشمت متعالية على غيرها من الفتيات اللواتي لم يساعدهن الحظ في الزواج للتخفيف من وقع الغيرة والحسد في أنفسهن ضدها فيقولون : ( يا بنت لا تفرجي ثوب عرسك ياما وراه شقا ). وهكذا فان الفتاة لتشتري ببعض مهرها ما تحتاج اليه اضافة الى ما يقدمه الخاطب من هدايا فما هي هذه الهدايا ؟؟ ومتى تقدم ؟ ولمن تقدم؟ .

موسم الهدايا والنفقات :

لا تقبل الفتاة المحترمة هدايا الغريب، ويقول المثل:( البنت الغداي احسن من الولد اللقاي )، أي أن البنت التي تضيع ما يعطى لها خصوصا النقود افضل من الولد الذي يجد النقود وسواها ذلك لأنهه يفترض بالفتاة التي تدعي بأنه تجد اشياء ثمينة باستمرار بانها تحاول اخفاء تلقيها الهدايا من الغرباء. أما الخاطبة فهي تتقبل هدايا وهي محببة لها مهما كانت غنية: ( أنا غنية وبحب الهدية). فكلما غاب عنها وغاب عن بيتها فلا بد من احضار بعض الهدايا والا قيل فيه: ( غايب بلا هدية لا جابك الله ). وتختلف الهدايا التي تقدم للعروس وذويها والعريس وذويه من وقت لاخر كما أنها، تختلف في ماهيتها ومقدارها ووجوهها التي تذهب اليها ومصيرها الذي تؤول اليه فمنها الهدايا التي تسبق حفل الزواج وهي خاصة بالعروس وأمها وأبيها: بعضها يتفق عليه اثناء مداولات الخطوبة وبعضها الاخر يقدمه الخاطب دون تحديد: ( الهدية ع قد قيمتها ) وهي عبارة عن ملابس وأقمشة ونقود وعطور تقدم للفتاة المخطوبة بعضها فرض عين تفرضها العادات والتقاليد الموروثة والمتبعة كهدايا الأعياد حيث يلزم العريس بتقديمها لخطيبته في كل الاعياد وطوال فترة الخطبة طالت ام قصرت تسمى عيدية وغالبا ما تكون نقودا مع شيء من الحلوى والملابس او قطعة من الذهب. كما كانت العادة أن يحمل أهل العريس عندما يذهبون لإحضار عروستهم في زفة قطعة من القماش الحريري المقصب او الموشى بالذهب تسمى في العرف الشعبي: ( طق يا فقر) هدية لها وبدونها لم يكن أهل العروس ليقبلوا تسليمهم عر وستهم. ومنها ما يسمى: ( خشة الدار ). وهي عبارة عن ملابس ومصاغ يتفق عليها او تترك لكرم الخاطب وعلو همته وتقدم قبل الزفاف ايضا. أما ما يقدم الى أم العروس فهو ما يسمى ( بثوب الام ) وهو غالبا ما يكون مقدارا من المال يدفع للأم هدية مفروضة جزاء وفاقا لها مقابل خدماتها على ابنتها طيلة فترة حياتها معها.

أما الوالد فيقدم اليه ما يسمى: ( هدم صفاح ) وهو عبارة عن عباءة تقدم له عند توقيعه على عقد الزواج وتعاد الى الزوج يوم زفاف الفتاة إليه حيث تلف بها يوم زفافها من بيت اهلها الى بيت زوجها فيقولون: ( لف بنتك فبي اعباءة وارميها في دار الغناة ). وقد لا تعاد مطلقا. وهناك لدى فئة من المجتمع بعض العادات التي تفرض على العروس واهلها ان يقدموا بعض الملابس لأهل العريس الأقربين كأمه وأبيه وإخواته وأخواته.

أما هدايا الأقارب فيقدم العريس لإخوته وعماته وخالاته وبناتهن بعض الهدايا كالاثواب والمصاغ بحسب قدرته فيقولون: ( الجود من الموجود) و (( لا يكلف الله نفسا الا وسعها )). وتسمى هذه التقدمة صلة الرحم. فيقولون (صلة الرحم من الرحمن ) ويقال على لسان الحق عز وجل: (( الرحم معلقة بعرش الرحمن من وصلهن وصلته ومن قطعهن قطعته )). وغالبا ما ترد كل واحدة من المهدي إليهن مقابل ذلك ( نقوطا نقديا ) يكافئ ثمن ما قدم لها او ينقص قليلا. وهناك نفقات أخرى منها: ( ذبيحة الطلبة ) وما يسمى با( القوة ) وهما عبارة عن وليمتان: الاولى منهما يقوم بها أهل العريس في بيت العروس عند الاتفاق على خطبتها حيث يطعم منها اهل العروسين ومن يحضر من الجاهة التي تحسم الخلاف على المهر والتكاليف. أما الثانية فهي الوليمة التي تفرض على العريس لإطعام كل من يشترك في حفل الزفاف من نساء ورجال وأطفال وهي تكلف مبالغ طائلة باهظة لكثرة ما ينجز من الضحايا وما يستهلك من الارز وذلك لما يترتب عليها من اظهار الكرم المفرط وخوفا من الاتهام بالشح حيث يعرفون بأمثال أولئك قائلين: ( أهل العرس اشتهوا المرق ).

ويقولون: ( فلانه بدها عرس تشبع فيها مرقه ). وعندما يكثر المدعون إلى العرس: ( كثر العزومة بتقطع النصيب )، خاصة إذا كان أهل العريس من البخلاء. وربما يعتب الأقارب والأصحاب الذين ينسون من دون طعام فيقال على السنتهم: ( ع طرف الساني ولا تنساني ). كما يعرفون ببخل البخلاء بقولهم: (عند الغولة عرس يدوب يكفيها ويكفي الي حواليها ). هذا إضافة إلى ما يقدم من قهوة وشاي وحلويات وأنواع مختلفة من التبغ والسجاير وغيرها ومن النفقات التي تثقل كاهل العريس فيتحمل بسببها الديون فيقولون: ( اللي ببني واللي بتجوز بتحمل الدين ). وربما يضحي الخاطب فيستدين او يبيع الارض التي هي أغلى ما يملك في سبيل دفع النفقات ولا يظهر بمظهر البخيل او المقصرأمام الآخرين.

حفلة العرس وميقاتها:

تكثر مواسم الأفراح في فلسطين في ليالي أول وثاني المقمرة حيث يقولون: ( ما بين تشرين وتشرين صيف ثاني ) بعد انتهاء مواسم الغلال وقطف الزيتون. حيث يجمع الفلاح خاصة ثروته ويسدد للتاجر ما عليه من ديون. فيختارون الليالي المقمرة من هذين الشهرين، لأن الإنارة التي كانت تعتمد على وسائل الاضائة البسيطة كمصابيح الكاز والزيت لم تكن كافية ومشجعة للسهر لتأثرها بالعوامل الجوية في فصل الشتاء.

لذلك كله فقد اعتمدوا على انارة السماء. فلم تكن لتقام هنالك أعراس في أيام الشتاء خوفا من اتهامهم بالجنون فيقولون: ( عرس المجانين في كوانين ).

ولا تقام في شهر رمضان لدى المسلمين: وأثناء الصوم لدى النصارى بل كان يكثر الزواج ايضا في العيد الكبير عند الطائفتين هربا من الاعياد وما يترتب عليه من هدايا، ولأن الأعياد مواسم تجمع الأصدقاء والاقارب الذين يحرص على دعوتهم الى حفلات الاعراس خاصة من اولئك الذين يعملون في الخارج. فموسم الأعياد فرصة ذهبية لجمع الشمل والمشاركة في الافراح. ولذلك فانهم لم يكونوا ليطيلوا مدة العرس في الغالب فهم يقولون: ( العرس خطف )، وقولهم: ( العرس أسرع فيه والكره تمهل فيه ).

كما أنهم لا يأبهون كثيرا في تمديد فترته وإظهار الفرح المبالغ فيه بسبب ما حل بهذا الشعب من نكبات، فالموت بالجملة والسجن على الابواب، لذلك كله فانهم كانوا عمليين في اعراسهم لا يأبهون للشكليات ويبدو ذلك واضحا في قولهم: ( عمر ما غنية جوزت العريس ولا دعوة خزقت قميص ).

مراسيم الزفاف :

يحضر المدعوون من أقارب العروسين وأصدقائهما مراسيم الزفاف للمشاركة في الأفراح التي تبلغ ذروتها في يوم الزفاف. والدعوات تلك واجبة، اما تلبيتها فقد تتحكم فيها ظروف المدعو او المدعوة. وقد يدعي بعضهم للمساعدة في بعض الاعمال الخاصة بترتيب الاحتفال وما يتبع ذلك من ولائم للمدعوين وقيام بواجب ضيافتهم حيث يقولون لمن يعزم للمشاركة في اي عمل يناط به والقول على لسانه: ( عزموا اجحا ع العرس يا لنقل المية يا لتكسير الحطب ). ومن لا تسمح له الظروف بتلبية الدعوة يكون اهل العريسين في حل من لومه وعتبة لما يعترضون لهما في المستقبل فيما لو لم يدعوه فيلزمهم قوله:( في الهم داعيني وفي الفرح ناسيني ). لان تبادل الدعوات والتزاور قائم بينهم في السراء والضراء, لذلك يحرص بعضهم على عدم الاشتراك في مراسيم الزفاف، اذا لم يرسل اليهم ببطاقة دعوة او بشخص يبلغهم الدعوة مشافهة. ولذلك يقولون: ( يا جاي بلا عزيمة يا قليل القيمه). ولان: (كل شي قرضة ودين حتى دموع العين ). (واللي بنظر لك بعينن انظر له بالثنتين ). وهكذا يجتمع عدد من الناس بين رجال ونساء للاحتفال بالمراسيم سواء اكان ذلك الاحتفال بداخل البلدة او خارجها باحضار العروس من بيت اهلها الى بيت الزوجية، ويشارك الجميع على مختلف مستوياتهم في الغناء والرقص: ( كنت ستها، صرت ارقص في عرسها )، والطرب والفرح أما النقوط فيكون من قبل اناس معينين حيث يقول المثل على السنتهم: ( كل الناس رقصوا واحنا حطينا النقوط )وهم يسوقون العروس امامهم من بيتا أهلها إلى بيت زوجها وهي تركب حملا او فرسا او سيرا على الاقدام ان كان المكان قريبا، ونادرا ما يكون السير على الاقدام مهما كانت المسافة قريبة، لعدم موافقة والدها عى ذلك غالبا. وقد استخدمت السيارة بعد اختراعها في نقل العروس او ما يسمى( الفاردة أو القطار) المشارك في الاحتفال بمراسيم الزفاف. وبين هتافات الجماهير المحتشدة حولها من نساء ورجال تزف العروس الى عشها السعيد حيث يقولون: ( عشرة تحف وعشرة تزف وعشرة تباري هودجها ) بل عشرات يقولون: ( العرسان اثنين والمجانين ألفين ). وقد يسمون من يرقصون ويظهرون فرحا مبالغا فيه بالمجانين. ويقولون واصفين بعض النساء المعروفات بروعونتهن: ( فلانه بدها عرس ترقص فيه ). وبعد وصولها الى بيت العريس تقوم أم العريس أو شقيقته أو احدى قريباته ببعض العادات والشعوذات التي تدل على قصر نظر النساء وإيمانهن بالحسد والعين فترش الملح على رؤوس المشاركين، ثم تحضر ابريقا من الماء فتسكبه من فوق رأس العروس قبل دخولها عتبة البيت، ثم تأتي بقطعة من الخميرة وتقدمها الى العروس فتتناولها وتلصقها بيدها على عتبة البيت عند دخولها له أول مرة جلبا للخير والبهجة وللتفاؤل والأمل وخوفا من الحسد وكل ذلك يجري بين غناء النساء وأمهاتهن وزغردتهن لها وفرحتهن بوصولها حيث تدخل البيت المعد لاستقبالها، وقد أعد لها مجلس خاص لتجلس عليه، بعدها تبدأ قريبات العريس بالرقص امامها وسط ا لغناء والزغردة حتى المساء فيحين دور العروس في الرقص الذي يسمونه (الجلوة) والتي تظهر فيها العروس حللها بتغير ملابسها ليتفرجن على كسوتها حيث يقولون: ( ولا فاكهة زي فاكهة العروس وهي تحلى ) حيث تنقر الدفوف التي تعد لمثل هذه المناسبه لدرجة انهم يتهكمون على الشخص الذي يطلب الحاجة من اصحابها وهم بوقت حاجتهم الماسة اليها قائلين: ( يوم عرسك عيرني دفك ). وتغني النساء لها ولعريسها حتى تنتهي الجلوة بانتهاء اخر ثوب تعرضه للحاضرات فيبدأن بمغادرة البيت بمجرد دخول العريس بعد زفافه قائلات: ( العريس أخذ العروس والباقي رجعوا مثل التيوس ) ضاحكات متندرات. وتظهر ام العروس في هذه الأثناء بانها مشغولة دونما عمل فيشبهون بها من تدعي العمل ولا عمل لها بقولهم: ( فلانة زي ام العروس فاظية مشتغلة) وهي في الحقيقة لا عمل لها. واذا تنكرت المقادير لأحد العروسين في ذلك اليوم بأن اصيب بأذى يقولون: ( يوم عرسه وجعه ضرسه ). هذا وقد يتندرون بمن يستغني عن الزواج بسبب ألم أصابه ولا علاقة له بما يبعده عنه فيقولون مستهزئين ساخرين: ( اصبع زيد بوجعه عوضه عن الجيزه ).

وهكذا تنتهي مراسيم الزفاف حيث يخرج المدعوون والمدعوات ويخلي بين العروسين في رحاب بيت الزوجية وتحت سمائه يفتح الحب والعطف وورود الربيع الذي تحيا بين رياضه سنوات العمر تختلط فيها الوان الواجب بالحقوق، فلا تكاد تسمع الا حفيف الزهور تمايلها نسمات الود الصادق والحب النقي والألفة الناعسة على وسادة الأمل الباسم في بيت بني سكنا ورحمة لكليهما. تترطب مشاعرهما بنسمة الصبح الندية في تلوين نواه أسرة تتدلى بين اوراقها قطرت الندى الصافي بالحب والوئام والعشرة بالمعروف، فالى رحاب البيت السعيد حيث توصي الأمثال بالمعاملة الحسنة للنساء: ( المرة وديعة الخير ) و، ( ما بضرب المرة الا الخرة ) ( اجر البنات ولا هجرهن ) قال صلى الله عليه وسلم (( استوصوا بالنساء خيرا)).

في رحاب البيت السعيد:

تلتقي الفتاة مع فتى احلامها في رحاب البيت السعيد وتنتقل واياه الى العش الزوجي الهنيء وقد يكون هذا اللقاء الأول من نوعه فيبدآن في عملية تطبيع احدهما للأخر، فكل ما يحق للزوج طلبة وانتظاره من زوجته من أمور مشروعة: كالطاعة والامانة والعفة والاخلاص وحسن المعاشرة والمعاملة والمودة والاحترام والثقة والتكريم والبر والترقية ومراعاة المزاج والرعاية للمصالح وقضاء الحاجات، وعدم المشاكسة، والعنف والبذاءة والمضارة والمضايقة، والأذى وسوء الخلف والتكبر والتجبر والازدراء والتكلف بما لا يطاق، يحق للزوجة طلبه وانتظاره من زوجها مع اعتبار كل منهما شريكا للأخر في مختلف نواحي الحياة المادية والمعنوية على حد سواء. فكيف تصور الأمثال عملية التطبيع ؟ وكيف تصور تلك العلاقات ؟ .

علاقة الزوجة بالزوج :

تتوقف علاقة المرأة بزوجها على مهمتها الاساسية في تنظيم البيت الجديد وادارته بغض النظر عن سلوكها العام: ( لو كانت ايدها بتسخم الحيط اسمها مرة في البيت ) وتنطلق في قولها: ( قعدتي بين اعتابي ولا قعدتي عند احبابي )، لأنها تنظر الى الزواج وكانه غاية الغايات بل اسمى ما تطمح اليه نفسها فتقول : ( ظل رجل ولا ظل حيط ) وتنظر الى حياتها السابقة في الاسرة الابوية نظرة تنم عن الكره لدرجة انها تعتبر نار الزوج ولا جنة الوالد في قولها : ( نار جوزي ولا جنة ابوي ).

وذلك بسبب المنزلة التي تحتلها في بيتها الزوجي االجديد اذا ما قيست بالمنزلة التي كانت تعيشها في بيت اهلها فيقال على لسانها: ( أبوي وطاني وجوزي علاني ) لدرجة انها تعتبر الزواج صفقة بيع وشراء تمت بين الاب والزوج ( ابوي باعني وجوزي شراني ) خاصة اولئك الفتيات اللواتي عشن في بيوت الفاقة بحكم الزواج الى بيوت ارفع مكانة اجتماعية واقتصادية مما يكن عليه فيقال على السنتهن ( ابوي كعكرني وجوزي كبرني ) وخاصة من تجد في بيت زوجها الرفاهية والكبرياء والالفة. وقد تتجاوز نظرتها للزوج الجانب المادي الى الجانب الرحي المتمثل في الترحم والتعاطف والحنان فيقال على لسانها: ( الجوز رحمة لانه ما بجيب غير فحمة )ويمكن ان ينعكس الحال وتنظر اليه من منظور النظرة المادية الصرفة مشركة الاهل والجيران حيث يقال على لسانها: ( أهلك وانت غنية وجوزك وانت قوية وجيرانك وانت سخية ) كما يقولون للفتاة التي تتزوج من رجل فقير يحفظ كرامتها ولم يمنعها شئ تحتاج اليه ومع ذلك تظهر تبرمها به: ( لا ميكله بالدين ولا مدعوسة تحت الرجلين ). أما التطبيع فقد تطبع الزوجة زوجها بطابع معين تعوده عليه كتطبيع الابن قيقولون: ( ابنك ع ما ربيته وجوزك ع ما ظريتيه ). وربما امتد هذا التطبيع إلى السيطرة والخضوع التامين يقولون: ( فلان محكوم لمرته ) ويقولون ايضا: ( ما بقدرش يلوي دانه معها ) أو ( ما بقول الا بقولها ومهما قالت له بسوي ) حيث يتحامل المثل على من يسلك السلوك من الرجال لانه بلا شخصية مميزة فينبهونه الى سوء واقعه قائلين: ( طاعة النسوان ندامة ) وهم بذلك انما يتجاهلون ما بين الزوجين من علاقة روحية تقوم على المفاهمة المتبادلة والتكافل والتضامن للسيطرة على تيار الحياة الجارف الصعب بمشاكله الجمة.

ولعل ذلك كله يرجع الى ضعف بل الى تدني المعرفة والتفاهم بين الازواج الجهلة الذين يعيشون فيا لبيت الأبوي الكبير عيشة خضوعية لا استقلالية فيها ولا تفاهم. يكون الابن فيه راضخا لتنفيذ رغبات والديه وعدم الخروج عليها الا نادرا. اما المراة التي يقف زوحها الى جانبها فتبدو في سعادة غامرة فيقال على لسانها: ( ما دام القمر معي كل النجوم على اصبعي ). كما تقول في معرض تبريرها لهفوات زوجها: ( الجيزة حلوة ومرة )، وقد تلجا الى الحيلة والمسايرة في حل خلافاتها معه لان (حيل النسوان غلبت حيل الشيطان ).

علاقة الزوج بالزوجة:

يعتبر الزوج السيد المطاع في البيت وليس معنى ذلك اساءة معاملة زوجته بالتسلط والتجبر والإهانة. بل انه غالبا ما يحسن معاملة زوجته فيقولون بهذه المناسبة :( الغول اكل كل الناس الا مرته ) وهو ينطلق في معاملته معها من المثل القائل : ( النسوان ودايع الاجاويد وفراسة الانذال ). فمن يقبل لنفسه ان يكون نذلا ؟ لا احد . كما يقولون لمن يسيئ معاملة زوجته : (الزلمة الهامل ما بتشاطر الا ع مرته ). واصفينه بالابل السائبة . وينصح المثل الرجل من اساءة معاملة زوجته اما الناس بمجرد الكلام السيء خوفا من اهدار كرامتها وتحقيرها امامهم حيث يقول المثل : ( اللي بقول لمرته يا عورة بتلعب فيها الناس الكورة ). فقد يستغل هؤلاء النفور الحاصل للايقاع بينهما واشعال نار الفتنة التي قد لا يحمل عقباها. كما انه لا يجوز ان يكسر بخاطرها : ( اكسر جاه مية ولا تكسر جاه ولية ). فلا يحوز تحديها من قبل الرجل، لان المعاملة الحنة للزوجة ترفع من شان زوجها في نظر جيرانه ز فيقال :( مليحك لمرتك بجوزك جارتك ). والمعروف أن المراة كثيرة الاخطاء فينصح بمجاملتها والتسامح عن هفواتها وذلك بالتغاضي عنها : ( اللي ما بغاضي ما براضي ). لأنها موضع الخطأ ولذلك يحب ان لا يفشي اسراها لانه أدرى الناس بها : ( صاحب الدار ادرى باللي فيها ). خوفا من اذلالها وتحطيم نفسيتها فهي شريكة حياته لها حقوقها الكاملة في حدود. ولها حقها على الرجل ان يحبها ويعطف عليها ويحنو عليها بل ويدللها. وهي انسانة قبل ان تكون زوجة مستعبدة. وأكثر ما يحرص عليه الرجل ان تكون زوجة بشوشة منبسطة الاسارير امامه والا اعتبرت هما يثقل كاهله. فهم يقولون : ( اول هم مقابلة وجه الغم وثاني هم حرب ابن العم وثالث هم نقل الدم ). ونصح المثل ان تكون العلاقة بين الزوجين علاقة روحية اكثر منها مادية وذلك حرصا منه على ابقتءالمودة بينهما حيث قيل : (ان كان صاحبك بدك تبقيه لا تاخد منه ولا تعطيه ). فهو ينصح بعدم اخذ مال المراة او التصرف فيه : ( يا ماخذ مال المرة يا مسخرة ). لدرجة انه ينصح شراء شيء من مستلزمات البيت من مالها مهما حقر شانه بقولهم : (ان كان للمرة مسمار اخلعه ). وذلك خوفا من ان تعير زوجها به فيقع بينهما الخلاف وتتازم الامور . وعندها تسوء العلاقة بين الزوجين لسبب ما تبدا الزوجة في انتحال الا عذار الواهية متسقطة اخطائها الظاهرة والباطنة لتعبر عن سخطها وعدم قناعتها بكفائته حيث يقول المثل على لسان احداهن : (صح الها زوج بالحيلة قالت : اعور وهمته ثقيلة ) .

حتى يقال على لسان على اخرى تشبه سابقتها : (زي اللي صح الها جوز وقالت عنه اعور ) وربما يكون الخلاف خيانه الزوج الزوج فيقال : (المرة خزانة والزلمة بلا امانة ) . ويستشري الشر في البيت فيطلع من فيه من خدم واولاد فيحاولون تقويم الحياة الزوجية ممن خلال العلاقات العامة والخاصة بين الرجل والمراة فيظهر ذلك في فلتات اللسنتهم فيقولون على خادمتهم التي تعرف تسلط الزوجة وتحكمها في امور البيت بحضور الزوج وغيابه : (ان غاب سيدي وان حضر رجلين ، ستي اربعة ). فهي الامرة الناهية على من في البيت . وقد يكون ذلك الحق في الامر والنهي قد اتصلت به وحصلت عليها لمعرفتها بنقائض زوجها التي يمكن ها ان تفضحه اذا تحدى ارادتها فيقال على لسان الخادم : (يا ما الها ستي عند سيدي الخلا).

الخلاف الزوجي وما يترتب عليه :

هذا وربما يمتد الخصام فيؤدي الى تفاقم وتازم في العلاقة بين الزوجين بعد الزواج مباشرة او بعد مدة قد تطول او تقصر مما يترتب عليها خلاف زوجي مستحكم يستعصي فيؤدي الى خلافات ومضاعفات وهو ما يسمى في العرف الشعبي : (الحرد او الزعل ). حيث يقال : (فلانة حردانة او زعلانة )واذا استحكم ذلك الخلاف واضطرت المراة الى مغادرة بيت زوجها الى بيت اهلها بعد ان شعرت انها لا تعامل بعدل في بيت الزوجية او مع العائلة الابوية الكبيرة قائلة : (البيت اللي رباني ما راح وخلاني ) وربما كان الزوج هو السبب المباشر للخلاف باسائته معاملتها فيقولون : (منقرها مع الجاج) لكثرة ما يوجه اليها من انتقادات سلبية على اقل الهفوات تبدر منها فيسيء اليها بضربها او اهانتها بتوجيه الكلام النابي فيقولون : (السبة بتقطع شروش المحبة ) وربما ظهر من فتات لسانه انه لايحبها او يعشق غيرها فتكرهه. فيقولون : لولاك يا لسان ما عثرت يا قدم. فتشعرانه لا يحبها ولا يعشقها فتكرهه، و علمت انه يعشق غيرها : ( انت مثل الشجر عرفك عندي وفايك على غيري ) خاصة اذا شعرت بانه يهدي تلك بعض الهدايا فيزداد كرهه له فتقول : (كول كره واشرب كره بس لا تعاشر كره ). وربما كان سبب الخلاف ام الزوج او احدى شقيقاته أو من يلوذ بحمى البيت الابوي الكبير، فتنفر الزوجة من وضعها العام في البيت فتغادر إلى بيت والدها باكية مستصرخة ضمائرهم لانقاذها من الجحيم الاسود الذي تعيش في قائلة ( النار ما بتحرق الل اللي فيها ) وربما اعتبرت خلافها معهم لضعفها وقوته فتقول : ( زي الحيط الواطي كل الناس بتنط عنه )، وربما كان الخلاف سببه نفس الزوجة خاصة اذا شعرت بانها مع زوج غير كفء واصبحت تصغي الى الوشاة والحساد والفتانين من الجنسين فتترك بيتها مستجيبة لدعاة الشر عندها يقول زوجها : ( جاجة حفرت على راسها عفرت ) او يقول : ( قيدها في نحرها )। ويقول أيضا معزيا نفسه :( مصير العتبة تلمها وتفهم لحالها ). فقد شبهها للفاقدة للوعي وإدراكها. وقد نعت المثل المراة التي تحرد لانها تقلل قيمتها في نظر زوجها وفي نظر الناس من حوله. فيقولون : ( الحرد انه بتروح قملة وبترجع صيبانة ) وبعض من يحردن لمشكلة تتعلق بالشرف لا يرجعها زوجها بل تكون نهايتها الطلاق كما قد تطلق من تزعل مع زوجها او أهله، خاصة إذا حصل شجار عائلي بسبب ذلك الخلاف بغض النظر عن كون المراة بديل او قطيعة. وربما يؤدي ذلك الى اشياء اخرى لا تحمد عقباها ومنها ان تبقى المراة في بيت اهلها ( لامطلقة ولا معلقة ) وهذا الأمر أسوء من الطلاق .


http://www.najah.edu/index.php?news_id=5474&page=3171&l=ar

No comments:

Post a Comment